السلام عليكم
من الأحاديث الصحيحة المشهورة ، يرويه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال :
( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا )
رواه أبو داود (رقم/4291) وصححه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (149)، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/599)
وقد فسر أهل العلم هذا الحديث التفسير الصحيح ، فقالوا : إن كلمة ( مَن ) ههنا اسم موصول تفيد الإطلاق ، فيحتمل أن يكون المجدد فردا ، ويحتمل أن يكون طائفة من الناس ، وبناء عليه فلا يلزم تتبع أسماء أفراد من العلماء في كل قرن والمفاضلة بينهم لتمييز المجدِّد فيهم ، فقد يكون كلهم ساهم في تجديد هذا الدين وبعثه في الأمة .
يقول الحافظ الذهبي رحمه الله :
" الذي أعتقده من الحديث أن لفظ ( مَن يُجَدِّدُ ) للجمع لا للمفرد " انتهى من " تاريخ الإسلام " (23/180)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط ، بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة ( يعني قد تكون جماعة ) ، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد ، إلا أن يُدَّعى ذلك في عمر بن عبد العزيز ، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها ، ومن ثم أَطلَقَ أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه ، وأما من جاء بعده فالشافعي ......... " انتهى من "فتح الباري" (13/295)
و المجدد للامة دينها " : لاحظوا الاعجاز النبوي، فقت ربط التجديد بالامة في زمان و مكان، و لم يقل يجدد الدين، لان الدين كامل و تام بموت سيدنا رسول الله عليه الصلاة و السلام، قال الله عز و جل : "( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) المائدة/3 ."
لكن في كل زمان، تظهر البدع و الجهل و التحريف و الشركيات، فيبعث الله على رأس كل قرن، رجلا صالحا مصلحا يدعو لدين الله و يحارب البدع و الشركيات،
قال الرسول عليه الصلاة و السلام : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين)
248 ء [ 51 ] رقم الحديث ( صحيح )
تحقيق العلامة الألباني / مشكاة المصابيح كتاب العلم الفصل الأول الجزء1 ص/ 53
ولجلال الدين السيوطي (849 هـ ء 911 هـ) كتاب بعنوان "التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة"
___
اختلف العلماء المسلمون في تحديد من هو المجدد في كل قرن، وقال ابن كثير: «وقد ادعى كل قوم في إمامهم، أنه المراد بهذا الحديث، والظاهر، واللَّه أعلم، أنه يعم حملة العلم من كل طائفة، وكل صنف من أصناف العلماء، من مفسرين، ومحدثين، وفقهاء، ونحاة، ولغويين، إلى غير ذلك من الأصناف.» وعندما ذكر أحمد بن حنبل جازماً أن المجددين في المائتين الأولتين هما عمر بن عبد العزيز والشافعي، تجاسر العلماء من بعده إلى إضفاء صفة المجدد على من رأوه أهلاً لذلك
أن يكون ذا قدم راسخه في العلوم، ولا بد أن يضطلع بعمل من الأعمال التي تدخل تحت التجديد، ومن أهم ما في ذلك أن يقوم بتجلية الإسلام مما به من الانحرافات والشوائب الدخيلة على مفاهيمه الأصيلة، وإعادته إلى إلى الكتاب والسنة، ببث الآراء وإفشاء العلم بالتدريس ، وفي المجال العملي بإصلاح سلوك الناس وتقويم أخلاقهم. وذكر العلماء أيضاً أن يكون المجدد «ناصراً للسُّنَّة قامعاً للبدعة» حسب تعبير بعض العلماء.
وأيضاً أن يعم علمه ونفعه أهل عصره، وأن تكون جهوده الإصلاحية ذات تأثير، ومن المعايير لمعرفة تأثير المجدد ما يتركه خلفه من أصحاب وتلاميذ ينشرون آراءه، وأن لا ينتهي أثره بنهاية حياته.
وجمع السيوطي آراء العلماء في أرجوزته حول شروط المجدد:
وَالشَّرْط فِي ذَلِكَ أَنْ تَمْضِي الْمِائَة وَهُوَ عَلَى حَيَاته بَيْن الْفِئَة
يُشَار بِالْعِلْمِ إِلَى مَقَامه وَيَنْصُر السُّنَّة فِي كَلَامه
وَأَنْ يَكُون جَامِعًا لِكُلِّ فَنّ وَأَنْ يَعُمّ عِلْمه أَهْل الزَّمَن
وَأَنْ يَكُون فِي حَدِيث قَدْ رُوِي مِنْ أَهْل بَيْت الْمُصْطَفَى وَقَدْ قَوِي
وَكَوْنه فَرْدًا هُوَ الْمَشْهُور قَدْ نَطَقَ الْحَدِيث وَالْجُمْهُور
____
نورد لائحة المجددين للامة دينها عبر القرون
تم جلب أسماء المجددين في القائمة من عدد من المصادر، أولها القائمة التي عدها ابن الأثير الجزري في كتابه جامع الأصول، ومن كتاب التنبئة بمن يبعثه الله على رأس كل مائة لجلال الدين السيوطي، ومن ضمن متفرقات في كتاب سير أعلام النبلاء للذهبي، ومن كتاب عون المعبود على سنن أبي داود لمحمد شمس الحق العظيم آبادي، ومن "كتاب الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي" لمحمد بن الحسن الحجوي الثعالبي
____
القرن 1 : الخليفة عمر بن العزيز رحمه الله باجماع العلماء سلفا وخلفا، و بعض العلماء عدوا بعض الفقهاء مجددين للامة منهم : الامام محمد الباقر عليه السلام، الامام محمد بن سيرين رحمه الله، الامام الحسن البصري رحمه الله، الامام عامر الشعبي رحمه الله،
القرن 2 : اجماع العلماء على ان الامام أحمد بن حنبل رحمه الله هو مجدد الامة دينها في القرن الثاني، و معه الامام الشافعي رحمه الله، الامام يحيى بن معين رحمه الله، و الامام علي الرضا عليه السلام،
القرن 3 : الامام البخاري رحمه الله، الامام الحسن الاشعري، الامام النسائي، الامام الطحاوي، الامام ابن أبي زيد القيرواني رحمه الله،
القرن 4 : الحاكم النيسابوري رحمه الله، ابن حزم الاندلسي رحمه الله،
القرن 5 : أبو حامد الغزالي رحمه الله.
القرن 6 : العز بن عبد السلام رحمه الله، النووي رحمه الله،
القرن 7 : شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله، ابن قيم الجوزية رحمه الله،
القرن 8 : بن خلدون رحمه الله
القرن 9 : جلال الدين السيوطي رحمه الله
القرن 10 : شمس الدين الرملي رحمه الله المشهور بالشافعي الصغير
القرن 11 : عبد الله بن علوي الحداد الملقب شيخ الاسلام الحداد رحمه الله
القرن 12 : الامام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله
القرن 13 : محمد الطاهر بن عاشور رحمه الله، شيخ المالكية.
القرن 14 : الامام الالباني رحمه الله،
القرن 15 : الامام المهدي عليه السلام
____
وأما المهدي هو يعتبر من المجددين كما قال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر المسلمين برجل من أهل بيته، ووصفه بصفات بارزة أهمها أنه يحكم بالإسلام وينشر العدل بين الأنام، فهو في الحقيقة من المجددين الذين يبعثهم الله في رأس كل مائة سنة... انتهى.
وقال صاحب المراقي: حتى يجيء الفاطمي المجدد**** دين الهدى لأنه مجتهد
و الله اعلم،
_________________
الخميس نوفمبر 23, 2017 1:52 pm