مراتب الدين الإسلامي
إنّ للدين الإسلامي ثلاث مراتبٍ؛
الأولى: الإسلام؛
وله خمسة أركانٍ: شهادة أنّ لا إله إلّا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحجّ البيت،
والمرتبة الثانية
من مراتب الدين الإسلامي هي الإيمان؛ وأركانه؛ الإيمان بالله تعالى، وملائكته، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر، والقدر خيره وشرّه،
والمرتبة الثالثة
هي: الإحسان؛ وله ركنٌ واحدٌ، وهو: عبادة العبد لله كأنّه يراه، وقد بين النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للمسلمين تلك المراتب، والأصول التي يقوم عليها الدين الإسلامي، وذلك عندما جاءه جبريل -عليه السلام- يسأله عن الإسلام، وعن الإيمان، وعن الإحسان؛ فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: (بينما نحن عند رسولِ اللهِ ذات يومٍ، إذ طلع علينا رجلٌ شديدُ بياضِ الثيابِ، شديدُ سوادِ الشعرِ، لا يُرى عليه أثرُ السفرِ، ولا يعرفه منا أحدٌ، حتى جلس إلى رسولِ اللهِ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخِذيه، ثمّ قال: يا محمدُ أخبرني عن الإسلامِ؟ قال: أن تشهد أنّ لا إله إلّا الله، وأنّ محمداً رسولُ اللهِ، وتقيمَ الصلاةِ، وتؤتيَ الزكاةِ، وتصومَ رمضانَ، وتحجَّ البيتَ إنِ استطعتَ إليه سبيلاً، قال: صدقتَ فعجِبنا إليه يسأله ويصدِّقُه، ثمّ قال: أخبرني عن الإيمانِ؟ قال: أن تؤمن بالله وملائكتِه، وكتبه، ورسلهِ، واليوم الآخرِ، والقدر كلّه خيرِه وشرهِ، قال: صدقتَ، قال: فأخبرني عن الإحسانِ؟ قال: أن تعبد اللهَ كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك، قال: فأخبرني عن الساعةِ؟ قال: ما المسؤولُ عنها بأعلمَ بها من السائلِ، قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلدَ الأمةُ ربتَها، وأن ترى الحفاةَ العراةَ العالةَ رعاءَ الشاءِ، يتطاولون في البنيان، قال عمرُ: فلبثتُ ثلاثاً، ثم قال لي رسولُ اللهِ: يا عمرُ هل تدري من السائلُ قلتُ: اللهُ ورسولُه أعلمُ قال: فإنه جبريلُ عليه السلام، أتاكم ليعلمَكم أمرَ دينِكم)،[١] فإنّ من أعظم النعم التي أنعم الله تعالى بها على عباده؛ نعمة الإيمان، فهي من القضايا المهمة التي يجب على الإنسان أن يهتم بها.[٢]
معنى الإيمان لغةً واصطلاحاً
كلمة الإيمان كغيرها من الكلمات التي تزخر بها اللغة العربية؛ ولها معنيان: واحدٌ في اللغة، وواحدٌ في الاصطلاح، وفيما يأتي بيانٌ لكلا المعنيين:
الإيمان في اللغة
: اسمٌ، ومصدر الفعل آمن، وآمن به، أيّ؛ وثق به، وصدّقه، وآمن له: انقاد له وأطاعه، وآمن بالله: أسلم له، وانقاد وأذعن، فيكون المراد بالإيمان: الانقياد، والإذعان، والتصديق.[٣]
الإيمان في الاصطلاح
: هو الاعتقاد الجازم بأنّ الله -تعالى- ربّ كلّ شيءٍ ومليكه، وأنّه هوالخالق الرازق، والمحي والمميت، وأنّه وحده المستحقّ للعبادة، والذلّ له والخضوع، وجميع أنواع العبادة، وأنّ الله وحده المتّصف بصفات الكمال، المنزّه عن كلّ عيبٍ ونقصٍ.[٤]
ثمرات الإيمان
من رحمة الله -تعالى- بعبادة، أن جعل قلوبهم تستشعر وتتذوق حلاوة الإيمان، وتشعر بثمراته، فتثابر وتجتهد نحو مرضاته، فإنّ الإيمان متى قوي وتأصّل في نفس العبد، عاد على صاحبه بثمارٍ وفوائدٍ عظيمةٍ، وفيما يأتي بيان بعض الفوائد والثمار التي تعود على العبد عندما يؤمن بالله حقّ الإيمان:[٥]
●الفوز بولاية الله الخاصة؛ ودليل ذلك قول الله تعالى: (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)،[٦] والتي هي أعظم ما تم التنافس فيه، والتسابق إليه، فإنّ الله تعالى ولي الذين آمنوا، يخرجهم من ظلمات المعاصي، إلى نور الإيمان والطاعة.
●الفوز برضى الله تعالى، والفوز بدار الكرامة، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)،[٧] فإنّ بالإيمان بالله -تعالى- وطاعته، وطاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وبأمره بالمعروف، ونهيه عن المنكر، ينال العبد رضا الله ورحمته.
●دفع الله -تعالى- عن عباده المؤمنين جميع المكاره، وينجّيهم من الشدائد والكربات، ودليل ذلك قول الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا)،[٨] وييسّر له أموره، ويجعل له من كلّ ضيقٍ مخرجاً، ومن كلّ همٍ فرجاً.
●طمأنينة القلب، ورا حته، والفوز بالحياة الطيبة في الحياة الدنيا، وفي الحياة الآخرة.
الإيمان سببٌ لصحة وكمال جميع الأقوال والأعمال الصادرة عن العبد، وبحسب قوته في قلب العبد، يكون أجره، فلو بذل العبد كلّ جهده في العمل، واستغرق منه ليله ونهاره، ولم يكن مؤمناً، لم ينفعه عمله شيئاً، وكان عمله غير مقبولٍ.
صاحب الإيمان يهديه الله -تعالى- إلى الصراط المستقيم، ويهديه العلم والعمل، وبه يتلقّى العبد المصائب والمكاره بالصبر والرضا.
● الفوز بمحبّة الله وتعالى، ومحبّة المؤمنين؛ فبسبب الإيمان وأعماله، ينال العبد محبة الله تعالى، ويجعل محبته في قلوب المؤمنين.
●أهل الإيمان هم أعلى منزلةً ودرجةً عند الله تعالى، وعند الخلق، في الدنيا وفي الآخرة.
●حصول البشارة بكرامة الله، والأمن لأهل الإيمان.
●الحصول على الفلاح والهدى، اللذين لا سعادة ولا صلاح للعبد إلّا بهما.
●الانتفاع بالمواعظ، والآيات الدالة على الحقّ.
●دفع الريب والشك بالكلية، وقطعهما.
●الإيمان ملجأ للمؤمنين في كلّ ما يعرض لهم؛ من فرحٍ، أو حزنٍ، أو همٍّ، أو خوفٍ، أو أمنٍ، أو طاعةٍ، أو معصيةٍ.
أركان الإيمان
تقوم العقيدة الإسلامية على أسسٍ، وإنّ تلك الأسس هي ما يُعرف بأركان الإيمان، وفيما يأتي بيانها:[٩]
●الإيمان بالله تعالى، وبوجوده، وبربوبيته، وبألوهيته، وأسمائه، وصفاته.
●الإيمان بالملائكة؛ بأنّهم خلقٌ من خلق الله، خلقهم من نورٍ، وليس لهم من الألوهية، ولا الربوبية شيءٌ.
●الإيمان بالكتب؛ بأنّها نزلت من عند الله تعالى، والإيمان بما عُلم اسمه منها، والإيمان بها إجمالاً.
●الإيمان بالرسل عليهم الصلاة والسلام، وأنّهم مخلوقون، وأوحى الله إليهم، وأنّه ليس لهم من خصائص الربوبية والألوهية شيءٌ.
●الإيمان باليوم الآخر، والتصديق الجازم بإتيانه.
●الإيمان بالقدر خيره وشره، والإيمان بشرع الله تعالى، وبأمره ونهيه.